يطل جسدها "المٌنعم عليه" أو "المهبر"، بكثير من الثقة وبعض إستفزاز يحرّضنا على التعامل مع معتقداتنا المحدودة وتحفظنا المبالغ فيه ببعض خجل.
ففي حميع الحالات، هذه السيدة تحوم فوقنا من اللوحة وترتفع فوق تعقيداتنا من دون أن تأخذ رأينا بشأن صدرها الثقيل الذي إختارت أن تعرض ومضات لا يستهان بها منه، وبشرتها المبهرة، وطبقات اللحم التي تتكدس الواحدة فوق الأخرى. وتحتمي خلف تنورة "مكشكشة" وتسريحة شعر بريئة تشجعنا على تعديل بعض من أحكامنا المُسبقة.
وهذه هي الحال مع كل أعمال الفنان جورج حمصي الذي يطل في فسحة GemSpace المُتعددة الإستعمال في الجميزة، ومن الواضح أنه يعيش قصة شغوفة مع الألوان الزيتيّة المبهرجة والأشكال غير النمطية التي تمهّد لنا الطريق إلى العاطفة الغنائية التي لا علاقة لها بالواقع، و"طُلعت يا ما أحلى نورها". (شمس المُخيلة، مثلاً؟)
نسب غير متماثلة لأجزاء الجسم في هذه اللوحة، والإختلالات المُتعمدة تضفي الكثير من السحر على تلك والبطلة الخارقة مُنسجمة مع "ميكي ماوس" والمُهرّج "المٌستمخ" على آلة البيانو. وقد يلعب الرجل الوطواط "الباسكيت بول"، ودعونا لا نُحرجه بأسئلة وجوديّة قد تسلب منه إنسياب اللحظة العابرة.
أما الملاك الذي يمضي الوقت في ترويض جموح "سوبرمان" ونزعة البطل التي تسكنه، فهي قصّة تحتاج لبعض شرح. أو ربما لا تحتاج إلى أكثر من الإستمتاع بها، ودعونا نتجاهل سكين الجزار التي إنتقلت إلى يد السيّدة "المهبرة" التي تطل في هذه اللوحة بلباس صارم ومحتشم في آن. لأنها تطلب، بحركة صغيرة وحازمة من أصبعها أن نصمت، "يا خيّي بلا ما نفوت" في جدال في قراراتها داخل اللوحة.
فلنركز على شغف جورج حمصي الذي علّم نفسه أصول الفن وعزّز العشق بدروس مكثفة مع الكبير إيمانويل غيراغوسيان الذي أدخله عالم الألوان الزيتيّة وكيفيّة إستعمالها لتكون اللوحة أكثر إشراقةً تحمل في طيّاتها طبقات غير مرئيّة للألوان وكثيفة من حيث الموضوعات المُستترة.
جورج يعيش في مرسمه القائم في منزله العشق أكثر من مرة. دعونا لا نبالغ في طرح الأسئلة عليه. لكل منا جنونه الذي قد يتوسله عوض اللجوء إلى العلاج النفسي ومشتقاته، أو قد يكظمه فإذا به يتسرّب سموماً غير مرغوب فيها... ودعونا لا نضغط على السيدة المهبرة التي وضعت أصبعها بحزم على فهما لتفهمنا بألا نغوص ونحفر في أمور لا تعنينا.
وجورج حمصي إعتاد أن يقدم لوحاته هدايا للعائلة والاصدقاء والجيران، هو الناجح في القطاع المصرفي. ولكن الوقت قد حان لينتقل العالم الذي يعيشه هذا الفنان العازم ضمن إطار البوب آرت، إلى الخارج.
خارج المرسم وخارج المخيلة. وأبعد من حدود هذا الشعور الغامربالوله للفن.
الشخصيات داخل اللوحات المُريحة بجنونها الزاهي، تغطس، تتزلج، تهدد بالقتل، تخوض المعارك.
وجورج حمصي يغني ويرسم وينصحنا بأن نختار الفن أجمل علاج لكل ما قد يصيبنا في طريقنا إلى الحياة.