داخل شقتي البيروتيّة المديدة، أمشي ببطء على ضفاف الليالي المُضطربة. أتناول فطوري الفاخر في مقهى راق بجوار المنارة... أو ربما على الطاولة الصغيرة في مطبخي البيروتي الكبير.
أحاول التعلّم من أخطائي، على أمل إرتكاب أخطاء جديدة. أتخلّص من البطلة التراجيديّة التي تُهيمن على روحي وتقطن كياني. أستبدلها بأخرى أقل مأساويّة. أعترف لنفسي بأن الذين أحببتهم، غادروا.
لن يعودوا.
ولكن غيابهم سيكون الحافز لأستمرّ وأكتب قصتي الشخصيّة للمرة الأولى. التوهّج المُفاجئ للشمس، غير مُتوقّع، مُنحطّ. دائماً ما يكون عاطفياً.
وبيناتنا... سئمت من المشاعر.
والسماء تواكب خيالي الرومنسي. رقّاص الساعة يُحاول أن يذكرني بالنهايات، أنا التي ما زلت أنتظر بدايتي، وأنفق المال لأؤجل مواسم الحداد غير التقيّة.
ورقّاص الساعة يروي حكايات الندم واليأس وعوامل فاخرة أخرى تتربّص خلف التهوّر في إنفاق المال. والغضب الراعب يُستّر على الألم المهول الذي لن يُعيد الذين غادروا. ولكنه قد يؤجّل رحلة الشفاء الطويلة.
وسط هذا الشتاء المُبكر إندلع في داخلي توهّج الشمس المُفاجئ ورغبة حقيقيّة في التخلّص من البطلة التراجيديّة التي أثّرت على مسار حياتي.
أودّعها مع الذين غادروا ولكنني ما زلت أتمسّك ببعض أمل، رغم أن بعض النهايات لا تمزح. ولا تُمهّد لعودة جديدة.
رغبة مفاجئة في البحر، في الجلوس على شرفة فندق فخم أراقب فيه ولادتي. وأستقبل فيه البطلة العاديّة التي آمل أن تسكنني هذه المرة.
لقد سئمت الأحلام المستحيلة. بطلة هادئة، بنت عيلة، لا تُطالب بنسخة أكثر لمعاناً من نفسها أو من الآخرين.