منذ فترة لا يُستهان بها، وأنا أبحث عنه في كل الأماكن التي من المُمكن أن يكون قد إختبأ فيها، هرباً من جوعي الراعب الذي لا بد من أنه يشعر به. وبذبذباته.
ولكنني، حتى الساعة، لم أتمكّن من أن أصطاد هذا الرجل الذي سينقلني، “ولا أحد يعرف كيف، بعد”، إلى رأس بيروت حيث أنتمي، أنا الشماليّة التي أعتدّ بجذوري وبأنني حوّلت الكورة، الملعب الإفتراضي للفضائح المُسيّجة بالزخارف المعقدة التي تأتي على شكل مغامراتي العاطفيّة.
منذ فترة لا يُستهان بها، قررتُ أن أصبح “مدام سنّو”، أنا التي أحمل لقب “الآنسة” (أي عانس بس الله كبير) الديري، بكل فخر.
مدام “سنو”، زوجة رجل الأعمال المليونير، محيو
الذي لا أعرف إن كان يسير على هذه الأرض ، ولكنني متأكدة من أنه سينقذني، من أي شيء، على إعتبار أنني لا أحتاج إلى من ينقذني. ويحوّلني أنا الأرثذوذكسيّة إلى إمرأة من “عيار مّعيّن”.
أي، كما تقول خالتي الجليلة، شارلوت،
D’un certain calibre.
وأنضم، لا أحد يعرف السبب ولا حتى أنا، إلى العائلات البيروتيّة السنيّة الكبرى، “ل”تُطرطق سكربينتي” في الصباحيّات وتُسطع شمس “غلاظتي” في مختلف الدعوات والكل يُنادي: “مدام سنّو”، “مدام سنّو”، إبتسامة صغيرة للكاميرا. “مدام سنو، تفضلي على طاولة الشرف”، “مدام سنّو، ما هذا الفستان الذي تترنّحين على صدى أقمشته غير المُتناسقة بما يليق بالنساء
D un Certain Calibre.
وأنا أبحث عن حبيبي محيو في كل الأماكن، حتى في الخزانة الخلفيّة الباهتة اللون في زاوية ما في مخيلتي، لأقدم له المفتقة البيروتيّة، وأحضّر له “الأرجيلة العجمي”. ولأغوص في حياته التي لا أعرف أي شيء عنها. وعندي شك بأنه، هو أيضاً لا يعرف أي شيء عنها. ونعيش معاً حياة إجتماعيّة صاخبة، أزيّنها بحضوري الأنيس وهو بكرشه الأصيل الذي تعيش بين طيّاته رواسب الفلافل والفتوش والكوسا وورق العنب باللحمة، والفوارغ وكبسة السمك، ومقلوبة الباذنجان، والقرنبيط المقلي الذي يُسبب له النفخة بهزاتها الإرتداديّة. ولكن، والله العظيم، لا مانع لديّ. أبحث عن حبيبي محيو سنّو الذي سأغار عليه من الذبابة التي تحوم من حوله منذ أن دخل مخيلتي. ومعاً سنكتب قصة جديدة عن “كوبل”، أي “موسيو ومدام”، إقتحما المجتمع البيروتي المخملي ذات مساء، أو صباح لن نختلف والله، ومذذاك والحياة “نفس أرجيلة رايح” وقهوة سادة مع هال جايي. ومحيو يُعطيني وهرته، وأنا أغل بكرشه الأصيل وأردد بنعومة كاذبة أجبرتني الأيام على الترنّح على أنغامها:”شو هالرجوليّة حبيبي محيو.”. لقد بدّلت حياتي، وأصبحت دنياي، و”متل ما بتعرف يا غنّوج يا زغتور، الدني دولاب”. ومحيو ينفش ريشه كالطاووس، ويمزمز نفس الأرجيلة العجمي. والناس، أينما ذهبنا يهتفون: “مدام سنّو، مدام سنّو، أعيرينا لحظة من وقتك”. وأنا اتنهّد بدلال العاشقة، وأهمس بصوتي الناعم المليء بالكذب:”وقتي كللو لمحيو. .” فرجاءً ، “إذا طلع قبالكن أي رجل تنطبق عليه هذه المواصفات، أعدكم بأن أدعوكم إلى عشنا الزوجي الذي يُطل على البحر وأن تتذوقوا من هالديّات فوارغ لا بد من أن أفك لغزها . وأنا أعرف سلفاً بأن الهزّات الإرتداديّة ستنساب ألماً في إتجاهي مباشرة من مصران محيو الغليظ. ولكن، متل ما بتعرفوا، سأصبر وأصمت لأنو الدني دولاب.